فصل: الكلام على قوله تعالى: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءًا يجز به}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الكلام على قوله تعالى: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءًا يجز به}:

في سبب نزولها ثلاثة أقوال أحدها أن أهل الأديان اختصموا فقال أهل التوراة كتابنا خير الكتب ونبينا خير الأنبياء وقال أهل الإنجيل مثل ذلك وقال المسلمون كتابنا نسخ كل كتاب ونبينا خاتم الأنبياء فنزلت هذه الآية رواه العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما والثاني أن العرب قالت لا نبعث ولا نحاسب ولا نعذب فنزلت قاله مجاهد والثالث أن اليهود والنصارى قالوا لا يدخل الجنة غيرنا وقالت قريش لا نبعث فنزلت هذه الآية قاله عكرمة وقال الزجاج اسم ليس مضمر والمعنى ليس ثواب الله بأمانيكم وقد جاء ما يدل على الثواب وهو قوله تعالى: {سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار} وانسوا المعاصي والجزاء واقع بالعاصي.
أخبرنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب أنبأنا أبو بكر بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي حدثنا وكيع حدثنا ابن أبي خالد عن أبي بكر بن زهير الثقفي قال لما نزلت ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجزبيه قال أبو بكر يا رسول الله إنا لنجازي بكل سوء نعمله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمك الله ألست تنصب ألست تحزن أليس تصيبك اللأواء فهذا ما تجزون به وأخرج مسلم في أفراده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال لما نزلت {من يعمل سوءا يجر به} بلغت من المسلمين مبلغًا شديدًا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قاربوا وسددوا ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة ينكبها والشوكة يشاكها واعلم أن المؤمن إذا جوزي بذنب عجل له جزاؤه في الدنيا أخبرنا محمد بن عبد الله ابن نصر أنبأنا طراد أخبرنا علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا أحمد بن ملاعب حدثنا عفان عن حماد بن سلمة حدثنا يونس عن الحسن عن عبد الله بن مغفل أن رجلًا أتى امرأة كانت في الجاهلية بغيا فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها فقالت المرأة مه إن الله تعالى ذهب بالشرك وجاء بالإسلام فولى الرجل فأصاب وجهه جدار فأدماه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال أنت عبد أراد الله بك خيرًا إن الله إذا أراد بعبد خيرًا عجل له عقوبة ذنبه وإذا أراد بعبد شرا أمسك عنه حتى يوافي به يوم القيامة كأنه بعير واعلم أن من تفكر في ذنبه وجد الزمان الذي عصى فيه قد خلا عن طاعة وامتلأ بخطيئة ثم يحتاج إلى زمان يتشاغل فيه بالتوبة ثم يتأسف على ما سبق ويكفي هذا وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال ربكم عز وجل لو أن عبادي أطاعوني لأسقيتهم المطر بالليل وأطلعت عليهم الشمس بالنهار ولما أسمعتهم صوت الرعد أنبأنا أحمد بن علي المحلى أنبأنا أبو بكر الخطيب أنبأنا الحسين بن بشران أنبأنا أبو علي البردعي حدثنا أبو بكر القرشي حدثنا الزبير بن أبي بكر حدثني أبو ضمرة عن نافع بن عبد الله عن فروة بن قيس عن عطاء عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ولا نقصوا المكيال والميزان إلا ابتلوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولا خفر قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذ بعض ما في أيديهم قال القرشي وحدثني إبراهيم بن سعيد قال حدثنا إبراهيم بن مهدي قال حدثنا أبو حفص الأبار عن أشعث بن سوار عن كردوس التغلبي قال حدثني رجل من أهل المسجد مسجد الكوفة وكان أبوه ممن شهد بدرًا قال مررت على قرية تتزلزل فوقفت قريبًا أنظر فخرج علي رجل فقلت ما وراءك فقال تركتها تتزلزل وإن الحائطان ليصطكان ويرمى بعضها ببعض فقلت وما كانوا يعملون قال كانوا يأكلون الربا وقال رجل للحسن أعياني قيام الليل قال قيدتك خطاياك أنبأنا محمد بن أبي منصور عن عبد القادر بن محمد الجوهري أنبأنا أبو الفضل لزهري حدثنا عبد الرحمن بن الحسن الذهبي حدثنا أحمد بن منصور الرمادي حدثنا أحمد بن المثنى حدثنا عبد القدوس الحواري عن هشام قال اغتم ابن سيرين مرة فقيل له يا أبا بكر ما هذا الغم قال هذا بذنب أصبته منذ أربعين سنة.
أخبرنا أبو بكر بن حبيب قال حدثنا أبو سعيد بن أبي صادق قال أنبأنا أبو عبد الله الشيرازي قال سمعت محمد بن فارس يقول أنبأنا علي بن قرين قال سمعت الجنيد يقول من هم بذنب لم يعمله عوقب بذنب لم يعرفه أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أبو الغنائم الدجاجي أنبأنا علي بن معروف حدثنا محمد بن الهيثم حدثنا إبراهيم بن سعد الجوهري حدثنا هاشم بن القاسم عن صالح المري عن أبي عمران الجوني قال مكتوب في الإنجيل تعملون الخطايا وتنكرون العقوبة يا من معاصيه جمة مشهورة ونفسه بما يجني عليها مسرورة أفي العين كمه أم عشي أإليك الأمر كما تشاء أعلى القلب حجاب أم غشا يا كثير المعاصي قعد أو مشى عظمت ذنوبك فمتى تقضي يا مقيما وهو في المعنى يمضي أفنيت الزمان في الخطايا ضياعًا وساكنت غرورًا من الامل وأطماعًا وصرت في تحصيل الدنيا محترفًا صناعا تصبح جامعًا وتمسي مناعا فتش على قلبك ولبك قد ضاعا تفكر في عمرك مضى نهبًا مشاعا لا في الشباب أصلحت ولا في الكهولة أفلحت كم حملت أزرك وزرًا ثقيلًا واجترحت يا بعد صلاح ما جرحت يا سيء السريرة كم عليك جريرة ويحك أتنسى الحفيرة أم هي عندك حقيرة أيام عمرك قصيرة وتضيعها على بصيرة لقد قطع الأجل مسيره ولكن على أقبح سيرة ذنوبك جمة كثيرة وعينك به قريرة ما تظلم بها مقدار شعيرة قال محمد بن كعب القرظي إنما الدنيا سوق خرج الناس منها بما يضرهم وبما ينفعهم وكم اغتر ناس فخرجوا ملومين واقتسم ما جمعوا من لم يحمدهم وصاروا إلى من لا يعذرهم فيحق لنا أن ننظر إلى ما نغبطهم به من الأعمال فنعملها وإلى ما نتخوف فنجتنبها.
وقال يحيى بن معاذ المغبون من عطل أيامه بالبطالات وسلط جوارحه على الهلكات ومات قبل إفاقته من الجنايات.
بدت دهياء تنذر بالخطوب ** نلاحظها بأبصار القلوب

وقد دل المجيء على ذهاب ** كما دل الطلوع على الغروب

يا هذا الطالب حييت فبادر والفضائل معرضة فثابر اترك الهوى محمودًا قبل أن يتركك مذمومًا إن فاتتك قصبات السبق في الولاية فلا تفوتنك ساعات الندم في الإنابة آه للسان نطق بإثم كيف غفل عن قوله تعالى: {اليوم نختم على أفواههم}. اهـ. ليد امتدت للحرام كيف نسيت {وتكلمنا أيديهم} آه لقدم سعت في الآثام كيف لم تتدبر {وتشهد أرجلهم} آه لجسد ربا على الربا أما سمع منادي التحذير على ربى {فلا يربو عند الله} آه لذي فم فغره لتفريغ كأس الخمر أما بلغه زجر {فاجتنبوه}.
قد كان عمرك ميلًا ** فأصبح الميل شبرا

وأصبح الشبر عقدًا ** فاحفر لنفسك قبرا

يا من راح في المعاصي وغدا ويقول سأتوب اليوم أو غدا كيف تجمع قلبًا قد صار في الهوى مبددا كيف تلينه وقد أمسى بالجهل جلمدا كيف تحثه وقد راح بالشهوات مقيدًا لقد ضاع قلبك فاطلب له ناشدا تفكر بأي وجه تتلقى اردى تذكر ليلة تبيت في القبر منفردًا.
أيها المشغوف بالدنيا ** صبوا وغراما

أبدا هي أبدا تبطن ** في الشهد سماما

تخضع الراضع بالدرر ** وتنسيه الفطاما

فإذا هز بوعظ ** صم عنه وتعامى

فهو كالشاكي الذي يزداد ** بالطب سقاما

وكمثل الطفل في الـ ** ـمهد إذا حرك ناما

.سجع على قوله تعالى: {من يعمل سوءًا يجز به}:

يا معرضًا عن الهدى لا يسعى في طلبه يا مشغولًا بلهوه مفتونًا بلعبه يا من قد صاح به الموت عند أخذ صاحبه {من يعمل سوءًا يجز به} جز على قبر الصديق وتلمح آثار الرفيق يخبرك عن حسنه الأنيق أنه استلب بكف التمزيق هذا لحده وأنت غدا به {من يعمل سوءًا يجز به} كم نهى عن الخطايا وما انتهى وكم زجرته الدنيا وهو يسعى لها هذا ركنه القويم قد وهى وها أنت في سلبه {من يعمل سوءًا يجز به} أين من عتا وظلم ولقي الناس منه الألم اقتطعه الردى اقتطاع الجلم فما نفعه ما جمعه لا والله ولم يدفع عنه عز منصبه {من يعمل سوءًا يجز به} بات في لحده أسيرًا لا يملك من الدنيا نقيرًا بل عاد بوزر ذنبه عقيرًا وأصبح من ماله فقيرًا على عز نسبه وكثرة نشبه {من يعمل سوءًا يجز به} اللذات تفنى عن قليل وتمر وآخر الهوى الحلو مر وليس في الدنيا شيء يسر إلا يغر ويضر ثم يخلو ذو الزلل بمكتسبه {من يعمل سوءًا يجز به} الكتاب يحوي حتى النظرة والحساب يأتي على الذرة وخاتمة كأس اللذات مرة والأمر جلي للفهوم ما يشتبه {من يعمل سوءًا يجز به} تقوم في حشرك ذليلًا وتبكي على الذنوب طويلًا وتحمل على ظهرك وزرًا ثقيلًا والويل للعاصي من قبيح منقلبه {من يعمل سوءًا يجز به} يجمع الناس كلهم في صعيد وينقسمون إلى شقي وسعيد فقوم قد حل بهم الوعيد وقوم قيامتهم نزهة وعيد وكل عامل يغترف من مشربه {من يعمل سوءًا يجز به} إنما يقع الجزاء على أعمالك وإنما تلقى غدًا غب أفعالك وقد قصدنا إصلاح حالك فإن كنت متيقظًا فاعمل لذلك وإن كنت نائمًا فانتبه {من يعمل سوءًا يجز به}.

.المجلس العاشر في قصة لوط عليه السلام:

الحمد لله الذي أحكم الأشياء كلها صنعا وتصرف كما شاء إعطاء ومنعًا أنشأ الآدمي من قطرة فإذا هو يسعى وخلق له عينين ليبصر المسعى ووالى لديه النعم وترا وشفعًا وضم إاليه زوجة تدبر أمر البيت وترعى وأباحه محل الحرث وقد فهم مقصود المرعى فتعدى قوم إلى الفاحشة الشنعا وعدوا ستا سبعًا فرجموا بالحجارة فلو رأيتهم صرعى {ولما جاءت رسلنا لوطًا سيء بهم وضاق بهم ذرعًا} أحمده ما أرسل سحابًا وأنبت زرعًا وأصلي على رسوله محمد أفضل نبي علم أمته شرعًا وعلى أبي بكر الذي كانت نفقته للإسلام نفعًا وعلى عمر ضيف الإسلام بدعوة الرسول المستدعي وعلى عثمان الذي ارتكب منه الفجار بدعا وعلى علي الذي يحبه أهل السنة طبعًا وعلى العباس أبي الخلفاء أئمة المسلمين قطعًا قال الله عز وجل: {ولما جاءت رسلنا لوطًا سيء بهم وضاق بهم ذرعًا} هو لوط بن هاران بن تارخ هو ابن أخي إبراهيم الخليل عليه السلام وقد آمن به وهاجر معه إلى الشام بعد نجاته من النار واختتن لوط مع إبراهيم وهو ابن ثلاث وخمسين سنة فنزل إبراهيم فلسطين ونزل لوط الأردن فأرسل الله تعالى لوطًا إلى أهل سدوم وكانوا مع كفرهم بالله عز وجل يرتكبون الفاحشة فدعاهم إلى عبادة الله ونهاهم عن الفاحشة لم يزدهم ذلك إلا عتوًا فدعا الله أن ينصره عليهم فبعث الله عز وجل جبريل وميكائيل وإسرافيل فأقبلوا مشاة في صورة رجال شباب فنزلوا على إبراهيم فقام يخدمهم وقدم إليهم الطعام فلم يأكلوا فقالوا لا نأكل طعامًا إلى بثمنه قال فإن له ثمنًا قالوا ما هو قال تذكرون اسم الله تعالى على أوله وتحمدونه على آخره فنظر جبريل إلى ميكائيل وقال حق لهذا أن يتخذه الله خليلًا فلما رأى امتناعهم خاف أن يكونوا لصوصًا فقالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط فضحكت سارة تعجبًا وقالت نخدمهم بأنفسنا ولا يأكلون طعامنا فقال جبريل أيتها الضاحكة أبشري بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب وكانت بنت تسعين سنة وإبراهيم ابن مائة وعشرين سنة فلما سكن روع إبراهيم وعلم أنهم ملائكة أخذ يناظرهم فقال أتهلكون قرية فيها أربعمائة مؤمن قالوا لا قال ثلاثمائة قالوا لا قال مائتان قالوا لا قال أربعون قالوا لا قال أربعة عشر قالوا لا وكان يعدهم أربعة عشر مع امرأة لوط فقال إن فيها لوطًا قالوا نحن أعلم بمن فيها فسكت واطمأنت نفسه ثم خرجوا من عنده فجاءوا إلى لوط وهو في أرض له يعمل فقالوا إنا متضيفون الليلة بك فانطلق بهم والتفت إليهم في بعض الطريق فقال أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية والله ما أعلم على ظهر الأرض أخبث منهم فلما دخلوا منزله انطلقت امرأته فأخبرت قومها قوله تعالى: {سيء بهم} أي ساءه مجيء الرسل لأنه لم يعرفهم وخاف عليهم من قومه {وضاق بهم ذرعًا} قال الزجاج يقال ضاق بفلان أمره ذرعًا إذا لم يجد من المكروه مخلصًا وقال ابن الأنباري ضاق بهم وسعه فناب الذرع عن الوسع {وقال هذا يوم عصيب} يقال هذا يوم عصيب وعصبصب إذا كان شديدًا {وجاءه قومه يهرعون إليه} قال الكسائي والفراء لا يكون الإهراع إلا إسراعًا مع رعدة قال ابن الأنباري الإهراع فعل واقع بالقوم وهو لهم في المعنى كما قالت العرب قد أولع الرجل بالأمر فجعلوه مفعولًا وهو صاحب الفعل ومثله أرعد زيد وسهى عمرو من السهو كل واحد من هذه الأفاعيل خرج الاسم معه مقدرًا تقدير المفعول وهو صاحب الفعل لا يعرف له فاعل غيره قوله تعالى: {ومن قبل} أي مجيء الأضياف {كانوا يعملون السيئات} فقال لوط {هؤلاء بناتي} يعني النساء ولكونهن من أمته صار كالأب لهن {أطهر لكم} أي أحل {فاتقوا الله} أي احذروا عقوبته {ولا تخزون في ضيفي} أي لا تفعلوا بهم فعلًا يوجب حيائي {أليس منكم رجل رشيد} فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر {قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق} أي من حاجة {وإنك لتعلم ما نريد} أي إنما نريد الرجال لا النساء قال: {لو أن لي بكم قوة} أي جماعة أقوى بهم عليكم {أو آوي إلى ركن شديد} أي إلى عشيرة منيعة وإنما قال هذا لأنه كان قد أغلق بابه وهم يعالجون الباب ويرومون تسور الجدار فلما رأت الملائكة ما يلقى من الكرب {قالوا يا لوط إنا رسل ربك} فافتح الباب ودعنا وإياهم ففتح الباب ودخلوا واستأذن جبريل ربه عز وجل في عقوبتهم فأذن لهم فضرب بجناحه وجوههم فأعماهم فانصرفوا يقولون النجاء النجاء إن في دار لوط أسحر قوم في الأرض وجعلوا يقولون يا لوط كما أنت حتى تصبح يوعدونه فقال لهم لوط متى موعد هلاكهم قالوا لصبح قال لو أهلكتموهم الآن فقالوا أليس الصبح بقريب ثم قالت له الملائكة فأسر بأهلك فخرج بامرأته وابنتيه وأهله وبقره وغنمه {بقطع من الليل} أي ببقية تبقى من آخره وأوحى الله تعالى إلى جبريل تول هلاكهم فلما طلع الفجر غدا عليهم جبريل عليه السلام فاحتمل بلادهم على جناحه وكان خمس قرى أعظمها سدوم في كل قرية مائة ألف فلم ينكسر في وقت رفعهم إناء ثم صعد بهم حتى خرج الطير في الهواء لا يدري أين يذهب وسمعت الملائكة نباح كلابهم ثم كفاها عليهم وسمعوا وجبة شديدة فالتفتت امرأة لوط فرماها جبريل بحجر فقتلها ثم صعد حتى أشرف على الأرض ثم جعل يتبع مسافرهم ورعاتهم ومن تحول عن القرية فرماهم بالحجارة حتى قتلهم وكانت الحجارة من سجيل قال أبو عبيدة هو الشديد الصلب من الحجارة مسومة أي معلمة قال ابن عباس كان الحجر أسود وفيه نقطة بيضاء وقال الربيع كان على كل حجر منها اسم صاحبه وحكى عن من رآها قال كانت مثل رءوس الإبل ومثل قبضة الرجل {وما هي من الظالمين ببعيد} تخويف للمخالفين أخبرنا ابن الحصين أنبأنا ابن المذهب أنبأنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله ابن أحمد حدثني أبي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ملعون من عمل عمل قوم لوط وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من مات من أمتي يعمل عمل قوم لوط نقله الله إليهم حتى يحشره معهم فلتحذر مغبة الخطايا والذنوب فإنها بصاحبها إلى الغضب تؤوب الحذر الحذر من علام الغيوب.